بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا
على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنه محمد عبده
ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تسليما كثيرا ، أما بعد : فهذه أحاديث
مختارة أحاديث تربوية منهجية مختارة ( لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي )
:
الحديث الأول :
عبد الله ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : صَعِد
رسول الله – صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال : [ يا معشر من
أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسليمين ولا تُعيروهم ولا
تَتَبعوا عورَاتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله
عورته يفضحه ولو في جوف رحله ] أخرجه الترمذي وابن حبان والبغوي في شرح
السنة وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي وصححه في صحيح الجامع وذكره الشيخ
مقبل في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين .
الشـــــرح :
هذا حديث عظيم فيه توجيه مبارك من رسول – صلى الله عليه وسلم - لأمته إلى قيام الساعة ، في ثلاث نقاط مهمة في حياة الأمة ، وجاء في بعض الرويات أنه خرج من بيته مسرعا فدخل المسجد وصعد المنبر ؛ يعني لأهمية الموضوع ، خرج من بيته مسرعا فدخل المسجد وصعد المنبر ؛ لأهمية الموضوع -بارك الله فيكم - ، مع أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – له أحاديث كثيرة ؛ منها ما قالها في بيته ومنها ما قالها قي الطريق ومنها ما كان ضيفا عند بعض أصحابه ، لكن هذا الموضوع خطير ، يمزق الامة ، ويشتت الأمة ، ويفرق الأمة ، ويسبب لها الأحقاد والظغائن ، فلهذا إهتم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وما قاله في البيت ؛ لأنه ما هو موضوع عادي ، يقال -يا إخوان- موضوع عادي ، ولا يقال عائدي فهمتم ! ، فيقال موضوع عادي نسبة إلى قوم عاد ، ولَـحّنُوا من قال عائدي ، هذا الموضوع ماهو موضوع عادي ، لهذا ما قاله في البيت ، تسمعه إحدى زوجاته وكفى ، خرج مسرعا – عليه الصلاة والسلام - حفاظا على الأمة المسلمة من الدمار والشتات والفرقة ، والأحقاد والبغضاء والشحناء ، ولم يقله على أرض المسجد ، وإنما صعد المنبر – صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله – ليسمع القريب والبعيد ، الذين في أرجاء المسجد ، ولم يقله بصوت عادي ، وإنما قاله بصوت رفيع -عليه الصلاة والسلام - ، رفع صوته الله أكبر! ، فلو أن المسليمين عملوا بكتاب الله وبسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لفازوا في الدنيا والآخرة ولسعدوا وسادوا وأفلحوا ؛ ولكن الله المستعان ! فنادى بصوت رفيع [ يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ] لماذا خص هذا النوع من المسليمين؟، [ يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ] لأنه لضعف إيمانهم ولقلة صلاحهم ولقلة علمهم ، يكثر منهم الأذى وتكثر منهم المخالفة ، وإرتكاب هذه المخاطر الثلاث بخلاف من وفقه الله وثبت الإيمان في قلبه ، ورزقه العلم والحلم ، يكثر خيره ويقل شره ، وقد لا يوجد عنده شر ، لكن هذه الشريحة من الناس أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه يكثر منهم الأذى والتعير وتتبع العورات ، وهل يرضى الإنسان لنفسه بهذا الوصف [ أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه]! هل ترضى أن تكون من هذا الصنف من الناس؟ ، الإنسان ما يرضى ؛ لكن إذا كان هذا هو الواقع في بعض الناس -إلا من رحم الله- وكيف يعرف أنه مثل هذا الصنف ، إذا كان عنده هذه المخاطر الثلاث ، يؤذي المسليمين ويُعيرهم ويتتبع عوراتهم ؛ فمعناه أنه من هذا الصنف من الناس! ، الشخص إذا قيل له : يا من أسلم لسانك ولم يفض الإيمان إلى قلبك ، سينجعز! ، كيف تقول لي هذا الكلام أسلمت بلساني ولم يفض الإيمان إلى قلبي ، إذاًُ من غير أن يقال لك هذا ، فاعرف أنت هذا من نفسك ، إذا بصّرك الله فاعرف هذا من نفسك ، هل أنت من هذا الصنف أو من صنف أرفع من هذا ،فالناس لا يستوون في إسلامهم ولا في إيمانهم ولا في إحسانهم هم درجات عند ربهم { وَلِكُلٍ دَرَجَاتٌ مِمّا عَمِلُوا }[ الأحقاف : 19 ] ، الإسلام يتفاوت والإيمان يتفاوت والإحسان يتفاوات ، في حياة الناس ، والإسلام يزيد وينقص ، والإيمان يزيد وينقص ، والإحسان يزيد وينقص ، كل واحد بحسبه بحسب عمله وبحسب ما وقر في قلبه ، بعد أن نادى بهذا النداء الرفيع – عليه الصلاة والسلام - و خص هذا الصنف من الناس الذين يكثر منهم الشر ، حذّرهم من أن يرتكبوا هذه الخصال الثلاث الذميمة الحقيرة المقيتة ، الأولى من الثلاث قال – عليه الصلاة و السلام - [ لا تُؤْذُوا المسْلِيمين ] ، الله أكبر! ، كما قال الله { بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ }[التوبة : 128 ] رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يدافع عن المسليمين ، وعن المؤمنين ، وعن الصالحين المتقين ، [ لا تُؤْذُوا المْسْلِيمينَ ] ولم يقل لاتؤذوا العلماء ، العلماء من باب أولى ، ولم يقل لا تؤذوا الصالحين المتقين ، هذI الأنواع من الناس من باب أولى ، وإنما قال لا تؤذوا المسليمين ، والإسلام إذا ذكر وحده دخل معه الإيمان ، يعني لا المسليمين ولا المؤمنين ، والمؤمنين من باب أولى ، [ لا تُؤْذُوا الْـمُسْلِيمِينَ ] هذا أول خطر حذّر منه ؛ لأنه يمزق الأمة ، ولم يحدد نوع الأذى ليشمل جميع أنواع الأذى ، القولي والفعلي ، الهمز واللمز والسب والضرب واللعن والإفتخار والضرب والقتل ، جميع أنواع الأذى ، [ لا تُؤْذُوا الْـمُسْلِيمِينَ ] وكم اليوم ممن يؤذي المسليمين ولا حول ولا قوة إلا بالله! ، - يا عبد الله - المسلم ولي من أولياء الله ، والله تعالى يقول في الحديث القدسي : [ من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ] رواه البخاري عن أبي هريرة ، - رضي الله عنه - ، كل مسلم ومسلمة من أولياء الله ، إلا أنّهم يتفاوتون في ولايتهم ، مثل التفاوت في الإسلام ، والتفاوت في الإيمان ، والتفاوت في الإحسان ، كذلك التفاوت في الولاية ، [ لا تُؤْذُوا الْـمُسْلِيمِينَ ] يعني كف أذاك عن المسليمين ، القولي والفعلي ، إذا أردت النجاة من عذاب الله ، إذا كان أذية النملة محرمة ، النملة ، والذرة ، والفراشة ، والجرادة ، إلى غير ذلك ، فما بالك بأذية المسلم ، فراشة تؤذيها وتمزق أجنحتها شيئا فشيئا وتقطع أرجلها وأيديها ؛ مُحرم!، وهي فراشة ، تذكر الله ، تسبح الله ، كان عليك وأنت تتفكر في مخلوقات الله ، فتقول : سبحان الله ، سبحان الخالق! كيف خلق هذه الفراشة ، بهذه الألوان الجميلة ، لا أن تؤذيها ولا أن تقتلها ، فكيف بمن يؤذي المسليمين والمسلمات ، وما يرتاح إلا إذا آذاهم ، يسب هذا ويلعن هذا ، ويشتم هذا ، ويُنزّل على هذا ملزمة ، وعلى هذا شريط ، وعلى هذا العالم مَلزمة ، وعلى هذا العالم شريط ، ويطعن في هذا ، ويتكلم في هذا ، ويجرح هذا – يالله ثبتنا - أصبحوا كلهم علماء ، علماء الجرح والتعديل ، كما قال بعض العلماء : " نحن ما عرفنا طلاب الجرح والتعديل " نحن ما قرأنا إلا علماء الجرح والتعديل ، وأئمة الجرح والتعديل ؛ أما طلاب الجرح والتعديل وعوام الجرح والتعديل ، ونساء الجرح والتعديل ، قالوا هذا ماسمعنا به إلا في هذا العصر! ، هذا كلام طيب فعلا ، قالوا هذا يعتبر من بدع العصر ، صار عندنا طلاب الجرح والتعديل ، وعوام الجرح والتعديل ، ونساء الجرح والتعديل ، وشعراء الجرح والتعديل[1] – اللهم ثبتنا على الكتاب والسنة - ، والذي يقول ممزقين للأمة !، هذا هو تمزيق الأمة ، نقول كما قال السلف ؛ علماء الجرح والتعديل ، وأئمة الجرح والتعديل ، كما كان عليه السلف ، العالم هو الذي يضع الشيء في موضعه ، ويرفع الله بكلامه ، إذا كان مخلصا ، إذا كان مخلصا ، وكان صادقا فيما يقول ، ويبتغي بذلك وجه الله ، ما هناك أغراض نفسية و إنما صادق هو مخلص هو صاحب عدالة { وَإِذَا قُلتُم فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } [ الأنعام : 152 ] ، اليوم أنت حي وغداً ميت ، اليوم أنت على ظاهر الأرض ، وغداً في باطنها ، اليوم أنت لابس وغدا عاري ، تحشر إلى الله وأنت عاري ما عندك ملابس ، وتوقف بين يدي الله فيسألك عن الصغيرة والكبيرة ، - نسأل الله الثبات – [ يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه ] الله أكبر! ، لتعلموا - يا عباد الله - مكانة الإيمان ، فالدين ثلاث مراتب ، الإسلام ، والإيمان ، والإحسان ، أعلى المراتب مرتبة الإحسان ، هذه أعلى مراتب الدين ، وأوسط المراتب مرتبة الإيمان ، ودونها مرتبة الإسلام ، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية – رحمة الله عليه – كما في مجموع الفتاوى ذكر مراتب الدين الثلاث ثم قال : " أعلى المراتب مرتبة الإحسان ، وأوسطها مرتبة الإيمان ، والتي تليها مرتبة الإسلام " ، أنظر! ، ما قال أسفلها ، أنظر إلى أدب العلماء ، أعلى وأوسط ، ما قال أسفل ، تعظيماً للأسلام والدين ، الله أكبر! ، والتي تليها مرتبة الإسلام ، العالم يعرف كيف يتكلم ، بخلاف الجاهل ، [ لا تؤذوا المسليمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ] الحمد لله الذي جعلنا مسليمين ، ومن أتباع نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – نقتدي به ونتأسى به ، ونهتدي بهديه ، ونستن بسنته ، ونتبع طريقته ، أنظر إلى هذا العلم العظيم من الرسول - عليه الصلاة السلام – كيف يوجه الأمة ، علم عظيم والله ، وحي من عند الله ، [ لا تؤذوا المسليمن ولا تتبعوا عوراتهم ] ثلاث كلمات ، والله الواحدة خير من الدنيا وما فيها إذا عملنا بها ، جمعت لك خيرا كثيرا ، لا يحصل منك أذى لأي مسلم ؛ لا بالقول ، ولا بالفعل ، لا بالهمز ، ولا باللمز ، لا بالضرب ، ولا بالقتل ، إلى غير ذلك ، وهذا عام لجميع الأمة ، حتى في طوافك حول الكعبة المشرفة ، حاول أن لاتُضايق إخوانك ، لا تدف هذا ، ولا تضغط على هذا ، سدد وقارب ، ما أمكن ، أنك تنفع ولا تضر ، لا تلقي بنفسك فوق الناس تريدهم أن يحملوك ، إحرص على أنك لا تؤذي في طوافك ، ولا في سعيك ، ولا في رميك للجمار ، ولا في أي حال من الأحوال ، لا بالقول ولا بالفعل – نسأل الله الثبات على الكتاب والسنة - [ لا تؤذوا المسليمين ولا تعيروهم ] الله أكبر! لاتعير أخي باللون – جزاك الله خيرا – تقول هذا أسود ، لا تعير ، ولا بالفقر ، ولا بمرض في أخيك ؛ معاق ، أو أعمى ، أوأعور ، أو أصلع ، أو أعرج ، إلى غير ذلك ، ولا بالمهنات ، هذا جزار ، وهذا حوّات ؛ يبيع الحوت ، وهذا حلّاق ، لا تُعيّر ، قد يعافيه الله ويبتليك أنت ، { أَفَأَمِنُوا مَكْرَ الله فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلا الْقَومُ الْخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 99 ] ، فاسأل الله أن يعافيك ممن إبتلاه به ، إن كان إبتلاه بالفقر أو بالمرض تقول هذا ولا تسمعه ، تقوله في نفسك ، وإن كان إبتلاه بالمعصية ؛ يشرب دخان ، وتنصح ، وتنصح ، وتنصح ، إذا أسمعته لا بأس إذا قلت : الحمد لله الذي عافني مما إبتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا ، لكن ؛ بعد أن تنصح ، فإذا رأيته معاند وأنت كرات ومرات تنصحه ، إذا أسمعته هذا إن شاء الله لا بأس ، من باب التأديب ، ومن باب التربية ، لعله أن ينزجر ، هو نوع من النصيحة ، لكن إذا كان بالفقر أو بالمرض لا تسمعه ، إحمد الله الذي عافاك ، [ ولا تُعيِّروهم ] وفيه سب جماعي ، بعض الناس كأن يقول – مثلاً -الشعب الفلاني كسلان ، كُسالى ، هذا غلط ما يجوز ، إذا كان الغيبة الفردية محرمة فكيف بالغيبة الجماعية! ، والسب الفردي محرم كيف بالسب الجماعي على مستوى شعب بكامله ، هل ترضى أن يأتوا يوم القيامة خصوما لك ، كل واحد يريد من حسناتك ، لشدة الحاجة في ذلك اليوم إلى الحسنات ، أو أن تخفف من سيئاته ، أيضا لخطر السيئات ، فأنت إحفظ لسانك ، وفلان قد أفضى إلى ما قدم ، مثلا رئيس دولة ظَلم وفَعل ، قد أفضى إلى ما قدّم ، بدون أن تخفف عنهم من سيئاته ، وبدون أن تعطيه أنت من حسناتك ، الله هو الحسيب والرقيب ، هو الذي سيحاسب عباده ، وكل شيء قد أحصاه الله { أَحْصَاهُ الله وَنَسُوهُ }[ المجادلة : 6 ] فأنت تحمد الله إذا رفع الله عنك الظلم ، تحمد الله وخلاص ، بدون أن تسب ، كان وكان وكان ، اللهم عافينا وأعف عنا ، [ لا تؤذوا المسليمين ولا تُعيِّروهم ولا تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِهِمْ ] تتبع العورات وتجميع الأخطاء ، أخطاء المسليمين وتتبع عوراتهم ، الله هو الرقيب وهو الحسيب ، هو المراقب وهو المحاسب – سبحانه - ، الله – سبحانه وتعالى – قد جعل أربع ملائكة مع كل واحد ، إثنين في الليل ، وإثنين في النهار ، الله ماهو محتاج لك ، تُجمّع الأخطاء على فلان ، الله ماهو محتاج لك ، عنده الملائكة الكتبة ، كما قال الله :{ كِرَاماً كَاتبين يَعْلَمُونُ مَا تَفْعَلُونَ } [ الإنفطار : 12 ] ، وقال : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }[ يس : 18 ] ، فقد جعل الله لكل إنسان رجل كان أو إمراة ، من الإنس أو من الجن ، أربع ملائكة إثنين في الليل واثنين في النهار ، ملك للحسنات والثاني للسيئات ، يعني فرز من البداية ، ملك اليمين ملك الحسنات ، وملك الشمال ملك السيئات ، تُكتب ، كتابة يومية ، ويصعدون بهذه الصحائف يوميا ، العصر والفجر ، ملائكة الليل يصعدون في الفجر بتلك الصحائف ، وملائكة النهار في العصر ، لهذا قال { ولا تتبعوا عوراتهم } الله جعل أربع ملائكة ماهو محتاج لك ، أنت إذا تتبعت عورات نفسك – فجزاك الله خيرا - ، إذا حاسبت نفسك قبل أن يحاسبك الله ، فهذا من توفيق الله عليك ، تحاسب نفسك وتجاهد نفسك أما غيرك فحسابهم على الله ، قال العلامة ابن القيم – رحمه الله – في كتابه [جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام محمد – صلى الله عليه وسلم - ] قال : " تتبع أخطاء العلماء ليس من هدي السلف " ، يعني ما ظهر ظهر ، وشيء ماظهر ، أترك التتبع ، والذي ظهر ليس لك ، للعلماء ، العالم ينظر هل يناصح ذاك العالم فيما ظهر من خطأ عنه ، هل يناصحه ، هاتفيا ، شفويا ، مكاتبة ، يألف رسالة ، هذا يرجع لأهل العلم – جزاهم الله خيرا - ، أهل العلم من أهل الكتاب والسنة – كثر الله من أمثالهم – هذا يرجع أليهم ، أنت اللهم لو أنك فقط سألت العالم إذا شككت هل هذا خطأ أم لا؟ تقول : يا شيخ! فلان ذكر في كتابه الفلاني : كيت وكيت وكيت ، أو في الشريط الفلاني كيت وكيت هذا صحيح أو ماهو صحيح؟ ، إذا سألت لابأس كما قال الله { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }[ النحل : 43 ] ، فالتشهير ماهو لك ، والرد ماهو لك ، للعالم! ، إذا رأى أنه يناصحه نصحه ، يكتب رسالة أذا رأى أن الخطأ إنتشر ، فيرى العالم أنه يكتب رسالة ليرد هذا الخطأ هذا راجع إليه ، بحسب مايرى أهل العلم ، هم الأباء ، أهل العلم من أهل السنة والجماعة هم الأباء ، وهم النصحاء ، وهم الأمناء على هذا الدين ، وعلى هذه الأمة ، وعلى شبابها ، وهم المرجعية كما قال الله : {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }[ النساء : 83 ] ، [ ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ] سبحان الله! ، هذا الحديث دليل على تلك القاعدة العظيمة " الجزاء من جنس العمل " ، قاعدة عظيمة ولها أدلة كثيرة من الكتاب والسنة ، هذا منها ، [ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ] يعني ولو في جوف بيته ولو في وسط بيته ، الله يفضحه ، فرسول الله – عليه الصلاة والسلام - يريد منا أن نحافظ على المجتمع المسلم ، البلدان الإسلامية هي المجتمع المسلم ، جميع المسليمن والمسلمات من العرب والعجم هم المجتمع المسلم ، كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ، كالبنيان الواحد ، كالجسد الواحد ، وكالبنيان الواحد ، كالبنان المتماسك ، قال – عليه الصلاة ولاسلام - : [ المؤمن للمؤمن كالبنيان ، يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه ] ، متفق عليه عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – فقوله : [ كالبنيان الواحد ] هذا بلفظه ، وقولنا كالبنان المتشابكة ، أخذنا هذا من فعله – عليه الصلاة والسلام - ، حين شبك بين أصابعه ، فهم كالبنيان ، وهم كالبنان المتماسكة ، ماهي الْمُفرّقَة ، والبنيان المتناسقة ، ماهو البينان المتهدم ، هكذا المجتمع المسلم ، قال – عليه الصلاة والسلام – [ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ] ، متفق عليه أيضا عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه - ، فهم أمة كالجسد الواحد ، وكالبنيان المتماسك ، والبنان المتشابك ، أعداء الإسلام يحبون أن يخلخلوا هذا البنيان ، وأن يمرضوا هذا الجسد ، وأن يفرقوا هذا البنان المتماسك ، فهم يحبون الغيبة والنميمة والقيل والقال ، والكذب والبغضاء والشحناء ، والهمز واللمز وتناقل الكلام ، وإفساد ذات البين ، فعلينا أن نكون حذرين ، لا يأتي الشر من جهتك ، كل واحد يقول هكذا ، يقول لا يأتي الشر للأمة من جهتي ، علينا أن نحافظ على هذه الامة وعلى سلامتها ، وعلى صحتها ، وعلى إيمانها ، وعلى دينها ، وعلى صلاحها ، إصلاح ذات البين خير من الصلاة والصيام والصدقة ، يعني الصلاة النافلة ، وصوم النافلة ، ، الصدقة النافلة ، إصلاح ذات البين خير من الصلاة والصيام والصدقة ، وفساد ذات البين [...] حالقة ، قال لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، وكم الآن من فساد ذات البين – نسأل الله السلامة والعافية - ، الحمد لله دعوة أهل السنة دعوة مباركة ، دعوة علمية ، دعوة فقه في الدين ، ودعوة علم وحلم ، دعوة مأخوذة من دعوة النبي – عليه الصلاة والسلام - ، إحفظ لسانك [ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ] ، هكذا يقول النبي – عليه الصلاة والسلام – وقد جاء عن أكثر من صحابي ، [ المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ] من لسانه : هذا هو الأذى القولي ، ويده : هذا هو الأذى الفعلي ، المسلم الكامل في إسلامه هو هذا ، المسلمون سالمون منه ، ماجاءهم من قبله أي أذى ، لا بالقول ولا بالفعل ، هذا هو المسلم الكامل ، أما ذاك مسلم ناقص ، الذي يؤذي المسليمين إسلامه ناقص ، وإيمانه ناقص ، وإحسانه ناقص ، وهو مرتكب لكبائر الذنوب ، حُكمُه إلى الله إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه ، فأنت - جزاك الله خيرا - لا يأتي الشر من جهتك ، ولا تُؤْتى الامة من قبلك ، لسلنك محفوظ وجوارحك مصانة ، قالوا يا فلان إيش تقول في فلان ، قل له يا أخي أنا طويلب ، أنا المسلم المسكين !إسئل العلماء ، وتحيله على عالم ، قال لك لابد أن تحدد موقفك ، قل له أنا موقفي في المكان الفلاني في الحارة الفلانية ، في الشارع الفلاني ، في المسجد الفلاني ، قال : موقفك من فلان ، قل له إسئل العلماء ، أنا مع أهل العلم ، أنا ماعندي رأي مع العلماء ، أنا أتشرف أنني مع العلماء ، فعلا – والله – إنه شرف ، أنا أتشرف أنني مع أهل العلم أنا ماني وحدي ، أما إذا صرت وحدي – يا الله سلم – [ عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ، وإنما يأكل الذئب القاصية ] ، يعني يأكل من الغنم القاصية ، القاصية : يعني المنفردة البعيدة عن الراعي الذي يرعى الغنم والبعيدة عن اخواتها من الغنم ، يأتي الذئب فيجدها بعيدة منفردة فيأكلها ، لا تكن من هذا النوع وهذا حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحسنه الشيخ الألباني – رحمة الله عليه - ، قل له أنا إن شاء الله لا أكون مثل القاصية ، أنا مع العلماء ، وهذا والله شرف لك ، أما أن يقول لك حدد موقفك ؟ ، هذا ما يسمى بالإستفتاء العام على الدستور ، قل له نقلد أصحاب الإستفتاء العام! ، يصبح كل الشعب يفتي! ، كل الشعب مفتي ، الإستفتاء يقدم لأهل الفتوى ، أنا إسئلني عن البطاطة! عن الطماطم! ، رحم الله إمرء عرف قدر نفسه ، إسئلني عن البازليا عن البامية ، إيش الأكلة الممتازة ، أما أن تسألني عن مصير أمة !– اللهم ثبتنا - ، هذا مرجعه إلى العلماء ، تقول: لا ، أنت الآن فعلت فعل من يقول بالإستفتاء العام ، وأنت الآن عندك إستفتاء عام ، شابهتهم! ، الكلام ما هو لنا ، الكلام ماهو للطلاب ، ولا هو للعوام ، ولا هو للنساء ، حتى دَخّلوا النساء ، حددي موقفكي ؟ ، شاركي ، إيش تقولين في فلان ، وإلا قلبك مريض ، أنظروا -يا إخوان- ما يشعر السلفي إلا وهو قد خرج بأشياء عن منهج السلف ، ولا يشعر ، العلم العلم -يا عباد الله- والتفقه قي الدين .
[1]- من أوعب ما سمعت في هذه
المسألة قول الشيخ أبو مصعب الليبي – حفظه الله - : رد الخطأ لا يشترط أن يكون من
عالم ، بل من طالب علم متأهل كذلك ، وهذا مقام المسألة ، لأنه في بعض الأحيان يقول
الشارح أو العالم " وباب الجرح والتعديل لا يكون إلا للعلماء الراسخين
" فلا تقم أنت وتقول ما هذا ؟ ، الأصل فيه أنه للعلماء الراسخين ، هذا هو
الأصل ، ثم طلاب العلم الذين تلقوا العلم على هؤلاء العلماء ، ولما فتح الباب على
مصرعيه خرج من هذا الأصل العظيم خرج الحدادية ، ولبس لباس العلماء ، حتى بلغ بهم
ضلالهم ، أن يضللوا الحافظ ابن حجر والإمام النووي ، وقالوا ينبغي أن تحرق كتبهم ،
فتح البارئ المكتبة العظيمة ، ويحرق شرح مسلم ، قال شيخنا أبو عبد الرحمن مقبل ابن
هادي الوادعي – رحمه الله - : " لولا أنه لا يُعذب
بالنار إلا رب النار لكان هؤلاء أولى أن يحرقوا " ، فمن هنا العلماء
يرجعون الأشياء إلى نصابها ، فإذا جئت تسأل العالم في سؤال مفرد هل لا يبين الخطأ
إلا العالم قال لا بل كل من علم أنه خطأ ، طالب علم مُتأهل يرد ، لكن إذا أطلق في
مكان آخر ، فإنه يريد أن يرجع بالأمور إلى نصابها ، وحتى لا يتطفل من أناس من نفسه
أنه طالب علم ، فيتصدى للمسائل الكبار ،
بدعوى أنه طالب علم متاهل ، ولذا تقرأ كثيرا في كتب علمائنا : " أن باب
السنة والبدعة لا يتكلم فيه إلا العلماء " ، لماذا ؟ ، من أجل أن يبين لك
أن هذا الباب يحتاج إلى علم راسخ ، لأنك لو دخلت وولجت بغير علم بدّعت وضللت وكان
الامر دون ذاك ، وسيرت على قاعدة " من وقع في
بدعة وقعت البدعة عليه " ، أرجوا التامل يا طلبة العلم في فقه
المتكلم وموضع حديثه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق