الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فهذا مختصر نافع من كتاب تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات للعلامة محمد بن عبد الله الإمام -حفظه الله-؛ ضمنت فيه ما يتعلق بالديمقراطية، والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله. آمين.
أقول: يتعلق بالديمقراطية ست مسائل:
ـ المسألة الأولى: في تعريفها:
وتعريفها: هي حكم الشعب بالشعب، وهي بهذا تعتبر حكما جاهليا؛ قال الله -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، فبين -سبحانه- أنه لا يوجد إلا حكمان: حكمه -سبحانه-، وحكم أحد من خلقه، وبين -سبحانه- أن حكم غيره هو حكم جاهلي.
ـ المسألة الثانية: في حكمها:
وحكمها: أنها شرك أكبر؛ لأنها تشريع من دون الله؛ قال الله -تعالى- عن لقمان الحكيم: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وأي شرك أعظم من تعطيل عبودية الله؟!
ـ المسألة الثالثة: في حكم من يؤمن بها:
وحكم من يؤمن بها: أنه خاسر يوم القيامة؛ قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
ـ المسألة الرابعة: في ما تقوم عليه الديمقراطية:
تقوم الديمقراطية على ثلاثة أمور:
1ـ التشريع؛ وهو سن القوانين، فلا شرع إلا للديمقراطية، والله أحكم الحاكمين لا يجوز له أن يشرع لعباده.
2ـ القضاء؛ وهو أنه لا يسمح لأي حاكم أن يقضي إلا بتشريع الدستور.
3ـ التنفيذ؛ أي أنه لا ينفذ أي حكم إلا ما كان خاضعا للدستور، ومعنى هذا تجميد جميع الأحكام الشرعية.
ـ المسألة الخامسة: هل يمكن أن يكون هناك تقارب بين الإسلام والديمقراطية؟
الجواب: لا، وذلك لأمور:
1ـ أن المشرع في الإسلام هو الله وحده لا شريك له؛ قال -سبحانه-: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- مشرع بأمر الله لا استقلالا؛ قال الله -تعالى-: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.
وأما الديمقراطية فالمشرع فيها هو المخلوق الجاهل -مهما بلغ من العلم-؛ لأنه إن علم شيئا فقد جهل أشياء.
2ـ لا يجوز التقارب بين الإسلام والديمقراطية ولو في أمور جزئية؛ لأن الإسلام شامل كامل لكل قضايا الحياة؛ قال -تعالى-: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فقوله -سبحانه-: {فِي شَيْءٍ} يشمل كل مسألة وقع فيها التنازع.
3ـ لو تقاربنا معهم لن ننجو من عذاب الله؛ قال -تعالى-: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أي: لن يردوا عنا غضب الله، وسوء العذاب في الدنيا والآخرة.
4ـ لو أطعناهم في بعض الأمور الجزئية، ورفضنا أن نطيعهم في الأمور الكلية، لن يرضوا عنا، ولن يدعونا من الأذى أبدا، حتى نقبل دينهم كله ونترك ديننا كله؛ قال -سبحانه-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.
5ـ كما أنه لا يجوز لنا أن نقبل الكفر والشرك، فالديمقراطية كفر وشرك وإجرام، فكيف يجوز للمسلم أن يتناقض؟!
6ـ نحن نختلف تماما عن أهل الديمقراطية من يهود ونصارى وغيرهم من ملل الكفر؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، بخلاف المسلمين؛ فإنهم يعيشون في بلاد الإسلام، وبين أيديهم القرآن والسنة والعلماء الناصحون والدعاة إلى الله، فليس لهم أي مبرر في سعيهم وراء الديمقراطية؛ قال الله -تعالى-: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
7ـ وبالمقابل -أيضا- يجب أن نثبت على الإسلام، كما ثبتوا هم على الكفر والباطل.
8ـ أمرنا بدعوة جميع الناس إلى دين الإسلام بما فيهم اليهود والنصارى؛ قال الله -تعالى-: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }، فإذا كنا مطالبين أن ندعوهم إلى الإسلام فكيف يجوز لأي مسلم أن يتنازل من كونه داعيا لهم إلى أن يكون مدعوا قابلا لما جاءوا به من الشر والباطل؟!
9ـ أيضا لو آمنا بصحة الديمقراطية لما استقر لنا الإيمان بالله؛ لأنه لا يصح إسلامنا حتى نكفر بها؛ قال الله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}، فجعل الله الكفر بالطاغوت شرطا في صحة الإيمان.
10ـ لو فرضنا جدلا أن المسلمين قبلوا الديمقراطية فمن يضمن لهم بقاءها؟ أليس هذا النظام كغيره من الأنظمة السابقة التي شاعت وذاعت وظن الناس أنها لا يمكن أن تزحزح ثم سرعان ما يظهر للناس فسادها فيتركونها من عند أنفسهم؟
ولا نذهب بعيدا، فهذه الاشتراكية التي هي في الحقيقة كالديمقراطية في الكفر من كان يظن أنها ستنهار وتنتهي؟ وانظر كيف زالت.
ولماذا فشلت؟
أيسر جواب: لأنها من وضع البشر، والديمقراطية كذلك من وضع البشر، فهل يجوز أن نرد شريعة الله وهي شريعة الكمال، وهي صالحة لكل زمان ومكان، من أجل أن نقبل رأي فلاسفة ضائعين تائهين وثنيين؟!
ـ المسألة السادسة: ما حكم القول بأن الديمقراطية والانتخابات هي الشورى الإسلامية؟
الجواب: الديمقراطية والانتخابات لا تلتقي مع الشورى التي شرعها الله لا في الكل ولا في الجزء، والدليل على ذلك أمور:
1ـ من شرع الديمقراطية؟
الجواب: الكفار.
• من شرع الشورى؟
الجواب: الله.
• وهل للمخلوق أن يشرع ويُقبل تشريعه؟
الجواب: لا
• إله الشورى وأهلها هو الله -عز وجل-، وإله الديمقراطية وأهلها هم الكفار والأهواء، فهل لنا إله غير الله؟! قال الله -تعالى-: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا}.
2ـ الشورى الكبرى وهي: ما يتعلق بسياسة الأمة، يقوم بها أهل الحل والعقد من علماء وصالحين ومخلصين، والديمقراطية يقوم بها أهل كفر وإجرام وجهل من رجال ونساء، وإذا أدخلوا مسلمين أو علماء معهم؛ فهي لعبة فقط على المسلمين.
وهل يجوز أن يسوَّى بين المسلم والمجرم؟! قال -تعالى-: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
3ـ أهل الشورى لا يأتون بأحكام تخالف حكم الله، بخلاف أصحاب الديمقراطية فإنهم مبتدعون مشرعون من دون الله؛ قال الله -سبحانه-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}.
4ـ الشورى ليست إلا في أمور نادرة، فما حكم الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وظهر ذلك الحكم فلا شورى فيه، أما الديمقراطية فهي مضادة لأحكام الله؛ قال -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
5ـ الشورى ليست فرضا في كل وقت، بل هي تختلف باختلاف الظروف والأحوال، فتكون في وقت واجبة، وتكون في وقت آخر غير واجبة، ولهذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعل الشورى في التحرك لبعض المعارك والغزوات، ولا يفعلها في وقت آخر.
أما الديمقراطية فهي فرض على أهلها، ولا يسمح لأي إنسان أن يخرج عنها أبدا، ومن فرض على الناس ما لم يفرضه الله فقد استعبد الناس؛ قال الله: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا}.
6ـ الديمقراطية ترفض الشريعة الإسلامية، وتتهمها بالعجز وعدم الصلاح، والشورى أثبتت قوة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.
7ـ الشورى جاءت حين جاء الإسلام، وأما الديمقراطية فما جاءت إلى بلاد المسلمين إلا في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، فهل معنى هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان ديمقراطيا وكذا الصحابة وجميع المسلمين؟!
8ـ الديمقراطية معناها: حكم الشعب نفسه بنفسه، أما الشورى فهي من التشاور، فليس فيها إنشاء حكم لم يكن له أصل في الشرع، وإنما فيها التعاون على فهم الحق.
انتهى ما يتعلق بالديمقراطية من كتاب تنوير الظلمات، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: من هنا
فهذا مختصر نافع من كتاب تنوير الظلمات بكشف مفاسد وشبهات الانتخابات للعلامة محمد بن عبد الله الإمام -حفظه الله-؛ ضمنت فيه ما يتعلق بالديمقراطية، والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله. آمين.
أقول: يتعلق بالديمقراطية ست مسائل:
ـ المسألة الأولى: في تعريفها:
وتعريفها: هي حكم الشعب بالشعب، وهي بهذا تعتبر حكما جاهليا؛ قال الله -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، فبين -سبحانه- أنه لا يوجد إلا حكمان: حكمه -سبحانه-، وحكم أحد من خلقه، وبين -سبحانه- أن حكم غيره هو حكم جاهلي.
ـ المسألة الثانية: في حكمها:
وحكمها: أنها شرك أكبر؛ لأنها تشريع من دون الله؛ قال الله -تعالى- عن لقمان الحكيم: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وأي شرك أعظم من تعطيل عبودية الله؟!
ـ المسألة الثالثة: في حكم من يؤمن بها:
وحكم من يؤمن بها: أنه خاسر يوم القيامة؛ قال الله -تعالى-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
ـ المسألة الرابعة: في ما تقوم عليه الديمقراطية:
تقوم الديمقراطية على ثلاثة أمور:
1ـ التشريع؛ وهو سن القوانين، فلا شرع إلا للديمقراطية، والله أحكم الحاكمين لا يجوز له أن يشرع لعباده.
2ـ القضاء؛ وهو أنه لا يسمح لأي حاكم أن يقضي إلا بتشريع الدستور.
3ـ التنفيذ؛ أي أنه لا ينفذ أي حكم إلا ما كان خاضعا للدستور، ومعنى هذا تجميد جميع الأحكام الشرعية.
ـ المسألة الخامسة: هل يمكن أن يكون هناك تقارب بين الإسلام والديمقراطية؟
الجواب: لا، وذلك لأمور:
1ـ أن المشرع في الإسلام هو الله وحده لا شريك له؛ قال -سبحانه-: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- مشرع بأمر الله لا استقلالا؛ قال الله -تعالى-: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.
وأما الديمقراطية فالمشرع فيها هو المخلوق الجاهل -مهما بلغ من العلم-؛ لأنه إن علم شيئا فقد جهل أشياء.
2ـ لا يجوز التقارب بين الإسلام والديمقراطية ولو في أمور جزئية؛ لأن الإسلام شامل كامل لكل قضايا الحياة؛ قال -تعالى-: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فقوله -سبحانه-: {فِي شَيْءٍ} يشمل كل مسألة وقع فيها التنازع.
3ـ لو تقاربنا معهم لن ننجو من عذاب الله؛ قال -تعالى-: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} أي: لن يردوا عنا غضب الله، وسوء العذاب في الدنيا والآخرة.
4ـ لو أطعناهم في بعض الأمور الجزئية، ورفضنا أن نطيعهم في الأمور الكلية، لن يرضوا عنا، ولن يدعونا من الأذى أبدا، حتى نقبل دينهم كله ونترك ديننا كله؛ قال -سبحانه-: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.
5ـ كما أنه لا يجوز لنا أن نقبل الكفر والشرك، فالديمقراطية كفر وشرك وإجرام، فكيف يجوز للمسلم أن يتناقض؟!
6ـ نحن نختلف تماما عن أهل الديمقراطية من يهود ونصارى وغيرهم من ملل الكفر؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، بخلاف المسلمين؛ فإنهم يعيشون في بلاد الإسلام، وبين أيديهم القرآن والسنة والعلماء الناصحون والدعاة إلى الله، فليس لهم أي مبرر في سعيهم وراء الديمقراطية؛ قال الله -تعالى-: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
7ـ وبالمقابل -أيضا- يجب أن نثبت على الإسلام، كما ثبتوا هم على الكفر والباطل.
8ـ أمرنا بدعوة جميع الناس إلى دين الإسلام بما فيهم اليهود والنصارى؛ قال الله -تعالى-: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }، فإذا كنا مطالبين أن ندعوهم إلى الإسلام فكيف يجوز لأي مسلم أن يتنازل من كونه داعيا لهم إلى أن يكون مدعوا قابلا لما جاءوا به من الشر والباطل؟!
9ـ أيضا لو آمنا بصحة الديمقراطية لما استقر لنا الإيمان بالله؛ لأنه لا يصح إسلامنا حتى نكفر بها؛ قال الله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}، فجعل الله الكفر بالطاغوت شرطا في صحة الإيمان.
10ـ لو فرضنا جدلا أن المسلمين قبلوا الديمقراطية فمن يضمن لهم بقاءها؟ أليس هذا النظام كغيره من الأنظمة السابقة التي شاعت وذاعت وظن الناس أنها لا يمكن أن تزحزح ثم سرعان ما يظهر للناس فسادها فيتركونها من عند أنفسهم؟
ولا نذهب بعيدا، فهذه الاشتراكية التي هي في الحقيقة كالديمقراطية في الكفر من كان يظن أنها ستنهار وتنتهي؟ وانظر كيف زالت.
ولماذا فشلت؟
أيسر جواب: لأنها من وضع البشر، والديمقراطية كذلك من وضع البشر، فهل يجوز أن نرد شريعة الله وهي شريعة الكمال، وهي صالحة لكل زمان ومكان، من أجل أن نقبل رأي فلاسفة ضائعين تائهين وثنيين؟!
ـ المسألة السادسة: ما حكم القول بأن الديمقراطية والانتخابات هي الشورى الإسلامية؟
الجواب: الديمقراطية والانتخابات لا تلتقي مع الشورى التي شرعها الله لا في الكل ولا في الجزء، والدليل على ذلك أمور:
1ـ من شرع الديمقراطية؟
الجواب: الكفار.
• من شرع الشورى؟
الجواب: الله.
• وهل للمخلوق أن يشرع ويُقبل تشريعه؟
الجواب: لا
• إله الشورى وأهلها هو الله -عز وجل-، وإله الديمقراطية وأهلها هم الكفار والأهواء، فهل لنا إله غير الله؟! قال الله -تعالى-: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا}.
2ـ الشورى الكبرى وهي: ما يتعلق بسياسة الأمة، يقوم بها أهل الحل والعقد من علماء وصالحين ومخلصين، والديمقراطية يقوم بها أهل كفر وإجرام وجهل من رجال ونساء، وإذا أدخلوا مسلمين أو علماء معهم؛ فهي لعبة فقط على المسلمين.
وهل يجوز أن يسوَّى بين المسلم والمجرم؟! قال -تعالى-: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.
3ـ أهل الشورى لا يأتون بأحكام تخالف حكم الله، بخلاف أصحاب الديمقراطية فإنهم مبتدعون مشرعون من دون الله؛ قال الله -سبحانه-: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}.
4ـ الشورى ليست إلا في أمور نادرة، فما حكم الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وظهر ذلك الحكم فلا شورى فيه، أما الديمقراطية فهي مضادة لأحكام الله؛ قال -تعالى-: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
5ـ الشورى ليست فرضا في كل وقت، بل هي تختلف باختلاف الظروف والأحوال، فتكون في وقت واجبة، وتكون في وقت آخر غير واجبة، ولهذا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يفعل الشورى في التحرك لبعض المعارك والغزوات، ولا يفعلها في وقت آخر.
أما الديمقراطية فهي فرض على أهلها، ولا يسمح لأي إنسان أن يخرج عنها أبدا، ومن فرض على الناس ما لم يفرضه الله فقد استعبد الناس؛ قال الله: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا}.
6ـ الديمقراطية ترفض الشريعة الإسلامية، وتتهمها بالعجز وعدم الصلاح، والشورى أثبتت قوة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.
7ـ الشورى جاءت حين جاء الإسلام، وأما الديمقراطية فما جاءت إلى بلاد المسلمين إلا في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين، فهل معنى هذا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان ديمقراطيا وكذا الصحابة وجميع المسلمين؟!
8ـ الديمقراطية معناها: حكم الشعب نفسه بنفسه، أما الشورى فهي من التشاور، فليس فيها إنشاء حكم لم يكن له أصل في الشرع، وإنما فيها التعاون على فهم الحق.
انتهى ما يتعلق بالديمقراطية من كتاب تنوير الظلمات، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق