إذاعة الشيخ محمد سعيد رسلان

الأحد، 30 يونيو 2013

في هذا الوقت يُذبّحُ أهل السنّة في بلاد الشام، وتُنتهك الأعراض، وأنتم حِلَقٌ في العلم!


أحسن الله إليكم :

هذا سائل يقول : في هذا الوقت يُذبّحُ أهل السنّة في بلاد الشام، وتُنتهك الأعراض، وأنتم حِلَقٌ في العلم!وفي المتون!؛ فأين فقه الأولويات؟!


جواب الشيخ العلّامة : محمد بن هادي ـ حفظه الله ـ :

ماذا تريد منّي؟! أنا أُجيبك عن فقه الأولويات :
أولا : أقول لك :
يعلم الله ما في قلوبنا، ثم يشهد علينا من حضرنا من خلقه، وهو مسموع بألسنتنا وأصواتنا، أننا ندعوا لهؤلاء بأن يرفع الله ـ جل وعلاـ عنهم ما نزل بهم، من هذا الظلم والبغي والطغيان الذي نزل بهم، نسأل الله ـ جل وعلا ـ أن يُعجّل بنصرهم، وأن يحقظ حرماتهم، ودماءهم، وأموالهم، وأن يكبت عدوهم عاجلا غير آجل، نسأل الله ـ جل وعلا ـ ذلك.هذا أولا .

ثانيا : نحن تكلمنا ـ والله ـ قديما ـ أول ما قامت هذه الفتنة ـ وقلنا لا تفعلوا ـ والله الذي لا إله إلا هو ـ مع قيام ثورة ليبيا وغيرها، ويعلم هذا منا من حضر في ذلك الحين ومُسجّل؛ لا تفعلوا .
الحاكم حتى لو كفر ـ يا ناس ـ ليس بمجرد أنه حُكم عليه بالكفر القطعي ـ قطعا كافر ما في كلام ـ على طول نخرج!، هذا غير صحيح.

لابد من النظر في قوة هؤلاء الذين يُزيلونه بأدنى مفسدة، بأدنى مفسدة تلحق بهم، قلنا لهم لا تفعلوا، لا قِبَلَ لكم، فالوا لنا أيش؟ قالوا : أنتم أنصار النصيرية!! أنظر إلى هذا الجزاء! إحنا أنصار النصيرية!.
من الذي كان يحارب النصيرية ويبين ما فيها من الضلال؟!
علماء السنّة وطلاب السنّة، وإلّا المتحزّبة هؤلاء؟!

لكن قام آخرون قالوا : اخرجوا! ولا تخرجوا لا بشوكة ولا بسكين!! ـ ما شاء الله ـ الّي يبغى يزيل حاكم كافر ما يخرج لا بشوكة ولا بسكين أيش يسوّي؟!.

شوف حتى الكلام ما فيه منطق عقلي!؛ بعض الذين خرجوا في القنوات قالوا لهم : ولا تحملوا ولا شوكة ولا سكين! ـ ما شاء الله ـ ويتعرضون لما؟! لمدافع ومجنزرات! فأبادهم!!.

فهذا الذي قلناه لهم، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا؛ نسأل الله ـ جل وعلا ـ أن يغفر لمن قُتِلَ من هؤلاء المسلمين، وأن يسكنه جنات النعيم، وأن يورّث أهله الصبر والسلوان، وأن يُعظِمَ لهم الأجرَ.

الآن نقول : قلنا أيضا أمرا ثانيا :
الناس إذا كانوا يريدون إزالة هذا، يحتاجون إلَـامَ ؟
يحتاجون إلى قوة، التي يزيلونه بها بأدنى مفسدة، وهؤلاء ما عندهم قوة!؛ قلنا لهم اصبروا حتى تأتي القوة؛ ما في!.
هذا هو الذي يحتاجه الشعب السوري هو القوة؛ وأما هؤلاء الذين يتهافتون! فأكبر فصيلين ـ أكبر فصيلين الآن على الساحة هناك ـ الفصيل الإخواني العام، والفصيل التكبير القطبي.

أما الفصيل الإخواني العام :
فقد قال إحنا ما عندنا مانع يتولة الحكم نصراني! وإلّا حُرمة!؛ إذا كان يتولاكم نصراني ـ كافر ـ أصلي! إصبروا على هذا الكافر هذا الحالي ! ليش تذبّحون أنفسكم وتنتهك أعراضكم؟!!

الإخوان المسلمون يقولون : ما عندهم مانع يحكمهم نصراني!؛ موجود بأصواتهم ـ مسجل ـ ومكتوب تصريحاتهم في الجرائد!، ما في مانع يحكمهم نصراني!ـ ما في مانع ـ! .
طيب إذن لماذا تقاتلون؟!
إذا كان هذا كافر، فهذا أيضا أيش؟ كافر! ليش ترضون تزيلون كافر وتأتون بكافر؟!هذه مسألة ثانية.

المسألة الثالثة :
بالأمس المتحدث باسم الجيش الحر قال : ما احنا بحاجة إلى رجال، وهذا الذي قلناه نحن من سنتين، نحن قلناه، قالوا : أنتم من أنصار النصيرية!
الآن : هذا الّي يحارب النصيرية يقول لكم ما احنا بحاجة إلى أيش؟ إلى رجال!
بل ويقول : لا لا ما حنّا بحاجة إلى مال لأن المال أفسد الثورة!
سمعاته بأذني ورأيته بهيني، وأكثركم سمعه بالأمس ـ المتحدث باسمهم ـ نحن بحاجة إلى سلاح، وصدق.
فهذا هو كلامنا وإلا لا؟
كلامنا قبل سنتين، الناس بحاجة إلى سلاح وقوة تُرهبون بها عدو الله ـ يعني ـ
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ )، فأنت بحاجة إلى القوة، الآن الآن هو يقول لك أنه بحاجة إلى ماذا؟ إلى السلاح.

الفصيل الآخر : التكفيريون! قبل مدة يسيرة ـ شهر تقريبا ـ أعلنوا بيعتهم لمن ؟! لأيمن الظواهري! خليفة من؟! خليفة أسامة بن لادن! زعيم تنظيم من؟! ـ والله ـ لو تروحون الآن ما يبدأون إلا بكم! قبل النصيرية! وأنا أقولها لكم ـ وإن شاء الله لست حانثا ـ ما في راية شرعية ـ يا أبنائي وأحبتي وإخوتي ـ ما في راية شرعية، ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) ما فيه!؛ الراية العامة التي تزعم أنها على الإسلام سمعتم تصريح أهلها! بل من أراد أن أُسْمعهُ إيّاه ـ عندي مسجل ـ أسمعته بعد الصلاة، وهو يقول: نحن نريد حكومة مدنية يستوي فيها الجميع!، ما أرادوا حكم الإسلام، يريدون أيش؟ حكومة مدنية! ـ هذه الجماعات الّي يُقال عنها إسلامية!.

ومع هذا أكون ـ إن شاء الله ـ منصفا مبرئا لذمتي قد يوجد من يقوم لأجل الإسلام لكن لا قوة له ولا ظهور ولا راية.هذا باب.

الباب الرابع :
من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد، دون عرضه فهو شهيد، نرجوا لمن قُتلَ في هذا الجانب أن يكونوا شهداء؛ الذين يأتونهم يريدون منهم هذا نقول لإخواننا هناك جاهدوا ودافعوا عن أنفسكم، هذا جهاد دفع.
أما أنكم الآن توجبون على الناس جميعا النفير! ـ وهم يقولون نحن بحاجة إلى عتاد ـ ؛ الفيء الذي ضرب الله فيه نصيبا ـ لمن ؟ ـ لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ماذا يعمل فيه؟ يُعطي ذوي القربى ويأخذ نفقته لأهله ربما لسنة والباقي يضعه في الكُراع والسلاح ـ يعني ـ يشتري به الخيول وإبل وحلْقة ـ التي هي يُدافَعُ بها ويُقاتَلُ بها ـ السيوف والدروع والتروس؛ فهؤلاء بحاجة إلى هذا، ولو جاءهم السلاح لرأيت كيف تكون الأحوال؛ الآن معهم سلاح قليل وعدوهم معه السلاح الكثير ويتفوق عليهم بماذا؟ إي ، يتفوق عليهم بالغطاء الجوي! فهذا حالهم.

فنحن عندما نقول : ما في جهاد شرعي ـ نحن نعرف ما معنى هذه الكلمة ـ وإن غضب الإخوان المسلمون!، لأننا نقول لهم تعالوا : لماذا تجاهدون ؟ لتكون كلمة الله هي العليا؟ هذا مصرّحكم قد صرّح أنه ما في بأس أن يحكمكم الكافر!؛ أي دولة إسلامية ـ هذه ـ تدعون إليها؟! ـ الحمد لله ـ قد أمكن الله منهم فكشفهم بألسنتهم، فالذي لا يرى ـ كفيف ـ أصبح يسمع الآن!، لكن توظيف هذه التأييدات التي جاءت من الله ـ تبارك وتعالى ـ لقول أهل الحق ـ لأهل السنة ـ توظيف هذه الفوائد قليل عند أهل السنّة عند السلفيين، ما في إبراز إعلامي لها، والله لو أُبرزت اكتسحت الإخوان المسلمين جميعا ـ جميعا ـ وأنا أتكلم عن هذا الحزب الذي ما نال بلاد المسلمين منه إلا الشر!؛ يدعون إلى تكفير الحكام ويقولون الحكام موالون للغرب وللكفار ولليهود وللنصارى! ويتولون! أول من يجدد الاتفاقيات مع اليهود والنصارى هم! ـ يا لله العجب ! ـ
ـ يا لله العجب ! ـ لكن أين ذهبت عقول الناس؟ لا أدري!؛ الإنسان أمامه اللامبة ـ هذه الإضاءة مولّعة ـ ويحتاج بعضهم إلى أن تأتي به وتقول له: شوف هاللامبة مولّعة!؛ ما يراها!.

فالناس يحتاجون إلى صبر، والصبر يوصل ـ إن شاء الله ـ إلى الثمرة المرجوّة، وكما قلت لكم قبل قليل يحتاج الناس إلى أن يُبصّروا ويُثقّفوا، واسألوا أهل مصر ماذا ينزل بهم؟! إشكالات، مشاكل عظيمة.
فالدعوة إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ الدعاة قائمون بها على الوجه الحقيقي ـ ماهم ثوار! هم هُداة ـ يهدون الناس إلى دين الله، وهم أرحم بالناس من أنفسهم ـ أحيانا ـ يأتي الإنسان يزج بيده في المهلكة! ـ يهلك نفسه ـ وهذا يحجزه، تدرون لماذا؟ لأنه وريث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (
إنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ، كَمَثَلِ رَجُلٍ استوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ, وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا) إذا ولعت نار في الصحراء ما تأتي هذه الفراشات والجنادب تتهافت فيها؟! قال : (
وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا) يذب هكذا وهكذا، حتى لا تحترق، قال : (وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ ) والحُجزة معقد الإزار على الحقوين ( آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ ) يسحبهم إلى الوراء، هلمّ عن النار، هلمّ عن النار، (وَأَنْتُمْ تقَحّمُون فيهَا) .

فالعلماء ورثة الأنبياء، النار هذا ضوء لكنه مُحرِقٌ، الذي لا يحسن يُحرق فيه، فهكذا تأتي الفتن ـ يكون لها ضوء، بريق ـ والعلماء مقامهم مقام النبي يأخذون بحُجَزِ الناس ويكفّونهم عنها، وإلّا لو تركوهم لكانوا بمثابة هذه الفراش التي تظن أن هذا الضوء نورا فصار نارا فأحرقها فحرقت فيه؛ فالعلماء معهم النور فيحجزونك عن الوقوع في النار؛ أما هؤلاء فيُصوّرون لك النار نورا، فإذا قرُبْتَ منها وقعتَ في النار بالقوة وبغير اختيارك، تسحبك بجاذبيتها ولهبها وارتفاع ألسنتها.

هذا مثل علماء السنّة والفقه في الدين والبصيرة فيه؛ ومثل من حكّم العاطفة أو كان من أهل الأهواء.
نسأل الله ـ جل وعلا ـ لنا ولكم التوفيق والهداية.



ليست هناك تعليقات: